14 أغسطس 2008

اتجاه الكتابة لديّ مقلق ٌ جدا ً .. أنا الذي لم أكتب عنّي أبدا طوال مسيرتي في الشبكة العنكبوتية , كنت أرضي الآخرين بالتحدّث عنهم , عن مشاعرهم , عن جمالهم ..

كنت ُ ( فعل ٌ ناقص ) مهما فعلَ سيظلّ ناقصا لأنه من الماضي بعد َ هذه المقالة ِ التي ربّما سأحذفها بعد كتابتها , أو بعد أسبوع .. شهر .. لا أعلم في الحقيقة ِ متى سيعادوني شعور الممثّل المبدع الذي يحاول أن يضع قناع الآخرين عليه و يتكتّم على بساطة شخصيته الحقيقية ..

أكتب عنّي .. عن أصفاري الكثيرة لأنها المرّة الأولى التي تحاول أرقامي الظهور فيها للعلن ..
الصفر الأوّل :
في منزلنا قبل 25 سنة تماما ً كانت طفلة ٌ صغيرة ٌ من جيراننا تلهو و تلعب أثناء اجتماع النسوة ِ ..
النسوة الـ يجتمعون كل ّ يوم أحد ٍ في بهو منزلنا الصغير ِ يشنّفن أسماعهن ّ بأصوات العزاء و الحزن على النبي و آله و يجعلون من مآتهم صفيقا لذيذا جدا ..
الطفلة تلك َالتي تلهو وتلعب مرّت بقرب القدو ( أحد أنواع المعسّل يشربه النسوة في قريتنا ) فانزلقت و أمالته إلى أن سقطت جمرة ٌ واحدة .. جمرة ٌ واحدة فقط , كانت كافية ً لأن تسقط على خدّ الرضيع الذي يرقد بجواره .. الرضيع ذاك أنا .. و الجمرة ُ كانت أوّل قبلة ٍ مؤلمة ٍ ..
بعد أسبوع فقط .. توَفّت الطفلة

الصفر الثاني :
كنّا نجتمع كل ّ صباح الساعة 6.30 لنذهب معا ً للمدرسة مع أولاد الجيران , كنّا نعشق الخروج معا ً و نعشق الجلوس معا ً في الفسحة و الهروب ِ من جدران المدرسة بعد الحصّة الرابعة ِ ..
كنّا أصدقاء ً منا لصعب أن تفرّق بينهم , كنّا ( فعل ناقص )
في الصف الثالث ابتدائي ..
جاء مدير المدرسة في الصباح الباكر بطابور المدرسة و اعلن عن تشييد مدرسة جديدة قرب منزلنا .. فرح الطلاّب جميعهم و تراقصنا كالمجانين ..
ذكر المدير أسماء الطلاّب المنقولين .. جميعهم إلا أنا
جميعهم ينقصهم لا شيء ..
فرحوا و لم يسأل أحدهم عن عدم تواجدي معهم أثناء خروجهم .. مرّوا بشنطهم الصغيرة ِ عليّ و ذهبوا .. مرّوا ول م يتعرّفوا على ملامحي .. كنت غريبا ربّما ..
غريبا منذ الصباح التالي و ( وحيدا ) ..


الصفر الثالث :

في الساعة الرابعة صباحا ً كنّا شبه َ نائمين تغفو على عيوننا سحابة الحلم ِ و لا تمطر ُ بشيء ..
كنّا امام الشبرة ( سوق الخضار في وسطة مدينة الدمام ) في يومنا الأوّل للعمل ِ كحمّالين َ يملئنا الأمل ُ بأن نتحمّل اليوم الأوّل الذي سيستمر في حمل الفواكه للساعة الثانية عشر ظهرا ً ..
في الساعة الرابعة صباحا ً وقفنا نتأمّل وجوهنا و الشراب الذي أحضره أحد الأصدقاء ليزيد من تحمّلنا ..
في الساعة الرابعة صباحا ً .. أوّل مرة ٍ أذوق فيها طعم البايسن و أبصقه

الصفر الرابع :
ضحكت أختي بقوّة و نحن نشاهد مسرحية ( الواد سيّد شغّال ) في قناة الإم بي سي مع أوّل ظهور للدش فوق منازل بيوتنا المهجورة ..
فأخبرتها بأن لي رغبة النوم ِ و أتمنى منهم عدم الضحك او إطفاء التلفاز فالساعة متأخرة ٌ , فقالت : إن شاء الله ..
ما زالوا يشاهدون التلفاز و ما زال النوم يؤرقني حتى قررت من أخوتي الثلاثة و أختي أن تطفأ التلفاز غصبا .. و ما زال أخي يرفض بشدّة .. أوّل صفعة ٍ أتلقّاها على خدّي منه ُ .. و أوّل مرة ٍ أحمل فيها سكّينا و أحاول طعن احدهم في صدره و يحجب طعنتي باب الغرفة ..

الصفر الخامس :
أحدهم يجلس في نهاية مكتبة الجامعة , صديقي يؤشّر ُ لي وهو يضحك أن أنظر لهذا أين يدخل ؟؟!!
أوّل مرة ٍ أرى امرأة عارية

الصفر السادس :
مبروك يا حبيبتي , فحصت في مشفى الملك فهد و قال لي أنت سليم .. خلص , راح أتقدّم لك بس يكتمل المهر ..
.
.
و بعد عام ..
يجب أن يحضر الطرفان ليستلما ورقة الفحص الطبّي ..
أحضر أنا و أنت ِ ( هي ) , أنتما حاملين للمرض و لا يصلح أن تتشاركا الحياة الزوجية ْ ..


( ممنوع التعقيب على هذا الموضوع )

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

ليس ناقصا بل ناسخا لأنه يغّير.. وقد غيّرتك كل هذه الكانات.. حفرت بداخلك أشياء...ولا زالت تحفر!

لذا فاصفارك كلها على اليمين..
لا تحاول نقلها إلى الشمال.. ستكون حياتك فقيرة جدا!

ملاحظة:
اعقب فقط لأن التعقيب ممنوع :)

غير معرف يقول...

هي أصفار، كي نمضي من جانبها، كي نرة بأنها هي تلك التفاصيل التي تلتصق بقميصنا لأنا لنا فقط، ولكنها لا تسير.. ولا تفئ إلى مأوى.

غير معرف يقول...

عذراً ..
اجد نفسي مضطرة للتعليق ..
لأن هذه التدوينة أثرت في نفسي كثيرا ..

علها تحكي قصصنا في كل يوم ..
علها تروي واقعا نخشى ان نتحدث عنه ..
علها تطأ جروحاً بالكاد برئت .. وتعيد لها النزيف من جديد ..

اتسائل .. هل نجمع الأصفار .. ام هي التي تجمعنا؟

علينا ان نعيد ترتيبها ..
بعضها يحتاج ان نلقي به الى اليسار ..
وبعضها يسعفنا ان ظل في اليمين ..

أتمنى الا تحذف هذه التدوينة..
فيها من رقي القلم الكثير ..

دمت بكل خير ..